سألتها كولسن: "لماذا كنت تبكين؟".

أجبرت كوموش نفسها على الابتسام في وجه كولسن هانم. وقالت "هكذا – أبكي ببساطة".

"يا مسكينة، مسكينة، سينتقم الله منك يا كوموش. إذا قدر لي وتزوجت رجلًا مثل زوجك كنت سأطير إلى السماء فرحًا." قالت كولسن هانم متظاهرة بالضيق.

ضحكت الفتيات بحرارة من كلمات كولسن. لكن بقيت كوموش حزينة. ومن أجل إسعادها وإرغامها على الابتسام اقترحن لعب لعبه شائقة مثيرة للاهتمام؛ وهي لعب أدوار العروسين. لعبت كولسن دور الزوج في حين أخذت السيدة هانم دور كوموش، وأفاضت الاثنتان عبارات الإغراء المتبادل حتى انفجرت الفتيات في الغرفة ضحكًا. وبغض النظر عن الطريقة التي حاولن بها تسلية كوموش، فإن ذلك لم يكن كافيًا؛ فلم تبتسم أو تكشف كالعادة عن أسنانها اللؤلؤية. جلست وحدها، دفينة حزنها العميق.

كانت الوليمة قد بدأت في الفناء، وقُدم الطعام والحلوى للفتيات. وبعد تقديم وليمة الأرز البخاري التقليدية والانتهاء من الطعام، حضرت سيدتان من أقارب كوموش تطلبانها للانصراف معهما لتسليمها لعروسها. وكما جرى العرف أجابت الفتيات: لا. لن نعطيكما كوموش.

وبدا لكوموش للحظات أن ما يحدث حقيقي، وأن الفتيات بالفعل لن يسلمنها إلى الخطاب. وفي أثناء خروجها برفقة السيدتين من المنزل كانت تنظر إلى صديقاتها نظرة رجاء في مساعدتها، وعدم تسليمها، وكأنها تطلب منهن إنقاذها. لكنهن كن يتفرقن واحدة تلو الأخرى بعد أن رافقن صديقتهن إلى حياتها وعالمها الجديد؛ عالم النساء.


11. سعادة لم تكن على البال


كم كان صعبًا للغاية الحصول على موافقة العروس على الزواج. فقد تطلب الأمر من المأذون تكرار طلبه ست أو سبع مرات: "هل أنت يا كوموش، يا ابنة ميرزا كريم، وكلت عمك محمد رحيم بن يولداش، في زواجك من المسلم الطشقندي أتابك بن يوسف بك حاجي؟"

فقط بعد تكرار السؤال للمرة السادسة أو السابعة، بل وبعد ضغط من الأقارب تمكنوا أخيرًا وبصعوبة من الحصول على موافقة كوموش.

عند الساعة الخامسة مساءً كانوا ينتظرون بفارغ الصبر قدوم العريس في منزل قوتيدار، وقد أعدوا له الأرز البخاري والعديد من الأطباق الأخرى، وكذلك أنواع مختلفة من الحلويات.

وأخيرًا عند الساعة الخامسة والنصف تقريبًا ظهر العريس أتابك برفقة أصدقاء رحمت، الذين بلغ عددهم عشرين أو ثلاثين شابًا. كان أتابك في أبهى حلة؛ يلبس فوق رأسه عمامة من الحرير الفضي، وعلى كتفيه معطف من فراء السمور مبطن بقطعة قماش مغزول، تحته قميص أزرق من القماش، خُيط حسب طلبه في سيماي، وبنطال من القماش ذاته، ويلبس في قدميه حذاء حضري من الجلد، ويلف خصره النحيف بوشاح من الحرير من صنع يدي كوموش البارعتين.. بوجنة ين حمراوين، وشفتين تعتليهما ابتسامة خفيفة، وعينين لامعتين تنظران بتوتر في كل الاتجاهات، كما لو كانتا تبحثان عن شخص ما. كان هناك الكثير من الضيوف من سكان الحي، وعلى الرغم من أنهم قد انتهوا منذ فترة من تناول الطعام، فقد ظلوا جالسين في أماكنهم يتأملون العريس، ويتهامسون فيما بينهم: "جيد، جيد، إنه عريس جدير بعروسه. إنها جميلة وهو وسيم أيضًا".

من بين السيدات اللاتي كن يجلسن على السطح في انتظار العريس، أخت أفتاب آيم الكبرى، التي نزلت على عجل، وهمست: أفتاب، بسرعة احرقي بعض البخور، حفظ الله صهركم من شر العين.

وقف قوتيدار يستقبل الضيوف عند البوابة قابضًا ذراعيه إلى صدره، ويختلس النظر إلى صهره بطرف عينيه، ويبتسم دون أن يلاحظ أحد ابتسامته. وفي الشرفة التي تطل من المضيفة جلس ضياء شاهيجي، والإمام بلحيته البيضاء ووجهه الوسيم الصارم، وكذلك حسن علي، وضيوف من جانب العروس وبعض الأشخاص الآخرين. اقترب أتابك برفقة الشباب الآخرين من الإمام وبدأ الحديث حول مسألة الصداق بين ضياء شاهيجي، الذي يمثل أتابك ومحمد رحيم، ولي العروس. دار الحديث حول الأشياء التي يتعين على العريس منحها إلى زوجته المستقبلية بملكية كاملة. وبعد نقاش طويل اتفقا على ما يلي: تحصل العروس على مبلغ ثلاثمئة قطعة ذهبية، ووعد ملزم من العريس بشراء منزل كبير لها بعد الزفاف في مرغلان، وبقرة حلوب، وأدوات المنزل من أواني ومفروشات وغيرها.

بعد أن وافق أتابك على ذلك أمام الجميع، شرع الإمام في إتمام عقد "النكاح". بدأ الإمام بحمد الله، والثناء عليه، والصلاة على رسوله الكريم، ثم حانت لحظة السؤال الأكثر حساسية في الأمر كله: "يا أتابك، يا ابن يوسف بك حاجي، هل تقبل الزواج من كوموش، ابنة ميرزا كريم، بحسب أحكام الشرع؟ – سأله الإمام بالفارسية. فكر أتابك في نفسه: أي سؤال هذا؟ هل أقبل؟ بالطبع؛ لقد كان مستعدًا منذ الوهلة الأولى أن يصرخ بكل ما أوتي من قوة: "نعم، أقبل، بكل سرور أقبل". لكنه كان يشعر بالحرج من الحاضرين الذين قد يقولون: "ياله من عجول، نافد الصبر"، ولذلك صمت ولم يرد. وهنا كرر الإمام السؤال مرة أخرى. بحسب العادات والتقاليد كان من المفترض أن يجيب العريس عن هذا السؤال بعد المرة الثالثة، لكن أتابك لم يقو على الانتظار، فقد ظن فجأة أنه بعد المرة الثالثة قد يقول الحاضرون: "لا، إنه لا يرغب في الزواج من كوموش"، وهكذا ينتهي كل شيء، وتضطرب الأمور، فصاح وقد تملك القلق منه: "أجل أقبل، أقبل"، وهنا أكمل الإمام مراسم الزواج بقوله "الحمد لله". وأخذ الحاضرون يدعون لهما بالرفاء والسعادة، ورفعوا أيديهم جميعًا وقالوا: "آمين"، كما اشتركت النسوة اللاتي كن فوق السطح يراقبن مراسم عقد الزواج في الدعاء للزوجين. وجاء الشباب وأمسكوا أتابك من ذراعيه واصطحبوه إلى المضيفة، حيث بدأ الاحتفال بالزفاف.