غادرت المرأتان المخزن والتحمتا بجمهور ضيوف حفل الزفاف الصاخب

* * *

يا له من جناح فتيات بديع، تجمع معطر مثل فراشات من الزهور، مثل زهور توليب رشيقة، أو ببغاوات نابضة بالحياة، أو مثل هذه الزهرة الجميلة، تجمعت وتشكلت حديقة عطرة من الزهور البديعة في منزل عم كوموش.

تجمعت أكثر من ثلاثين أو أربعين فتاة معًا في المنزل. وكان الغرض من تجمعهن: أن يرافقن ويصطحبن واحدة من أجمل وأرق صديقاتهن إلى بيتها الجديد وحياتها الجديدة، وأن تتم هذه المراسم في أبهى صورة وأجواء مرحة وسعيدة.

ارتدت الفتيات أكثر فساتينهن أناقة، مزينة بالأحجار الكريمة. ولو تمكنا من اختراق الجدران الأربعة لهذه الجنة وأن نلقي ولو نظرة واحدة على هذا الجمع من الملائكة الفاتنة، فإنه من الممكن أن يفقد المرء صوابه بلا شك من فرط السعادة والنشوة وهذه الأزهار، ولزاغت العيون وعجزت عن استيعاب هذا القدر من الجمال.

"هذه الزهرة هي الأجمل، لا بل تلك، لا بل تلك هي الأجمل". وهكذا وفي أثناء محاولتك الاستقرار واتخاذ قرار حول أجمل فتاة بين الحضور ستفقد عقلك وتعجز عن اتخاذ القرار. حتى إنك من فرط هذا التردد تصبح مادة للسخرية من قبل الحضور.

في الواقع، كان الجناح يضم فتيات كلهن جميلات للغاية، ولا مثيل لهن في الفتنة والبهاء، وكل منهن كالملاك؛ أجمل من الأخرى. رائعات منهن من تغني أو ترقص أو تنشد أو تقول الشعر أو تعزف. وحدها كوموش بقيت غائبة عن الحضور، ولم تعد من الحمام وبسبب ذلك لم يكن الاحتفال قد بدأ بعد. حتى لو حدث ذلك، لكان قد افتقر إلى الحماس المناسب؛ لأن ضيفة الشرف غائبة. كن جميعًا واثقات من أن وجود كوموش من شأنه أن ينعش الاحتفال – فقد نفد صبرهن في انتظار حضورها وبدء الاحتفال الحقيقي.

أخيرًا، صاحت إحدى النساء: "إنهن قادمات". احتشدت الفتيات جميعهن عند نافذة الغرفة الصغيرة، ينظرن إلى الفناء. دخلت كوموش مع اثنتين فقط من سلائفها. ليت بإمكان أتابك أن يشهد هذه اللحظة؛ لو كان هنا ورأى حبيبته تعود من الحمام، لكان مشهد عروسه بصحبة فتيات العرس وقع في نفسه كوقع السهم في قلبه الجريح، وكان قلبه ليشتعل بنار الرغبة والحب تجاه محبوبته.

كان يغطي رأس العروس وشاح من الحرير الأبيض، وكانت ترتدي فستانًا من الحرير الأبيض أيضًا تحت معطف فرو مطرز بخيوط فضية؛ ملفوف حول رقبتها طوق من فرو القندس يكاد يقبل ذقنها. وضفائرها السوداء تسترسل مثل قنوات حريرية؛ وخدودها محمرة ومتوهجة للغاية.

رافقت الفتاتان كوموش إلى الفناء ثم قالتا:

"يا فتيات، ها هي عروسنا كوموش، هيا خففوا عنها قليلًا وسروا عنها."

ركضت فتاتان أو ثلاث في الفناء، وأخذن البرقع من على وجهها وقادوها إلى المنزل. لم يكن هناك أحد في الفناء من الرجال أو النسوة، وامتلأ الفناء بالفتيات الصغار الجميلات وحدهن.

دخلت كوموش رفقة الفتيات إلى الغرفة، وسرعان ما امتلأت الغرفة بالعطر الذي وضعنه لها، واستقبلتها الفتيات بالأمنيات الطيبة وبسؤالها: "كيف حالك؟ مبارك ملابس العرس الجديدة".

وكانت كوموش تجيب بصوت بالكاد يسمع: "أتمنى أن تجلب لي السعادة."

أجلسنها في أهم مكان بالغرفة، فيما توزعت الفتيات بالجلوس حولها على شكل نصف دائرة. ولسبب ما صمتن جميعهن بشكل مفاجئ. وصرن جميعهن ينظرن إلى كوموش صاحبة الحفل نظرات ذات معانٍ مختلفة. ولسبب ما شعر الجميع بشيء من الحزن. فما الذي كن يفكرن فيه؟ ولماذا شعرن بالحزن والكآبة؟ من الصعب الإجابة. فقلوب الفتيات العذارى من الصعب اختراقها وسبر أغوارها.

جلست الفتيات في الغرفة مثل إكليل من الزهور. الوجوه الهادئة التائهة في الأفكار منحتهن جاذبية وسحرًا فريدًا، ضاعفت جمالهن مئة مرة. وإذا اضطررنا إلى اختيار الأجمل بينهن لما استغرق الوقت كثيرًا مثلما حدث سابقًا، ولم نكن لنتردد من فورنا في اختيار كوموش. كانت بمثابة زهرة فريدة الجمال بين نظيراتها من زهور الأقحوان، وبدت مثل بدر بين النجوم. ومع ذلك، استمر السكون يسيطر على الغرفة.

ومثل كل حفل أو وليمة أو تجمع، هناك دومًا من يقوم بدور سيد الاحتفال أو أولئك الذين يحيون الاحتفال، ويبعثون فيه النشاط. وهنا ظهرت كولسن هانم التي لم يرق لها هذا الصمت والحزن اللذين سادا بين الحضور، وكسرت حاجز الصمت بقولها: "لماذا اجتمعنا هنا؟ لماذا نجلس هكذا، لماذا نطرق رؤوسنا بحزن إلى الأرض؟ هل جئنا إلى هنا في جنازة؟"