كانت روح الماء تتحدث معها، وتستمع إلى ما يقوله قلبها، لكن لا أحد غير كوموش كان يعرف شيئًا عن هذا الحديث، وهذه الأسرار الخاصة.
غسلت كوموش وجهها مرارًا وتكرارًا بالماء المتلألئ ما هدأ من عواطفها، وصفت عيناها، وعاد إليها بريقها، وأحست ببعض السكينة فعادت غير مسرعة إلى داخل المنزل.
10. العرس، جناح الفتيات
كان الضيوف الذكور يحتفلون في نصف الفناء الخارجي لمنزل قوتيدار، في حين كانت النساء يحتفلن في الداخل. احتُفي بالضيوف، وقُدمت وجبة سخية متنوعة؛ تضم حلاوة طحينية غنية ونيشالدة طازجة>(>20>). كانت الموسيقى متواصلة يتردد صداها من الفناء الخارجي؛ آلات مختلفة مثل العود، والطمبور، والربابة، وأصوات أشهر المطربين في المدينة؛ كانوا يداعبون مسامعنا ويروون آذاننا من رحيق أغانيهم المتدفق باستمرار، امتلأ حفل الزفاف بأجواء الفرح والبهجة حتى بلغت الذروة.
وفي جناح الحريم كانت الأجواء لا تقل فرحة وصخبًا، وكما تقول الأمهات عادة: "الحضور كثيف حتى أكثر من عدد رمال الصحراء". لكن هنا وعلى عكس جناح الرجال تعم الفوضى، وتزدحم الغرف بالنساء وكذا الفناء. منهن من يجلسن في الخارج يتذوقن الأرز البخاري والحلاوة الطحينية، وغيرها من الأطباق الشهية. وهناك الأخريات منشغلات بتهدئة الأطفال التي تبكي حتى يناموا، وهناك من يغني وينشد أغنيات الزفاف ويصرخن "يور-يور" بأعلى صوت ممكن، في حين تضحك بعضهن في صخب يخرق سكون الكون المحيط. بدا وكأن هذا الضجيج يكاد يبلغ السماء السابعة.
وسط كل هذا الضجيج كانت أفتاب آيم تجلس حزينة غارقة في التفكير؛ كانت متعبة للغاية من استقبال الضيوف، أو ربما لسبب آخر. كانت تتصرف بغرابة شديدة؛ تنسى ما كانت تعتزم فعله منذ دقيقة واحدة؛ كدخول غرفة الخزين بدلًا من غرفة الضيوف. كانت تجيب باقتضاب على عبارات التهاني من الضيوف، خاصة عندما يقلن لها: "نتمنى أن يصبح الصهر ابنًا جديدًا لك" وكانت ترد ببساطة بكلمة واحدة "آمين".
وفي أثناء وجودها في مدخل مخزن الحبوب، نادت إحدى النساء الضيوف، فانزوت على الفور المرأة الخمسينية من بين ضيوف العرس وتوجهت إلى سيدة الدار. كانت امرأة ذات وجه مشرق وباسم، قادتها أفتاب إلى مخزن الحبوب، وما إن دخلتا، حتى أغلقت الباب بسرعة، وارتسم على وجهها ملامح حزن عميق.
سألتها المرأة وهي تنظر إلى عينيها الحزينتين: "لماذا تبدين بائسة حزينة هكذا يا أفتاب آيم؟".
أخذت نفسًا عميقًا، ثم نظرت من خلال الباب وقالت بصوت خافت: "روحي حزينة يا أختاه؛ وكان أحدهم أشعل نارًا فيها وأحرقها."، ثم اغرورقت عيناها بالدموع.
– "لماذا؟"
– "بسبب ابنتي"
– "ماذا حدث لابنتك؟"
– "اليوم هو اليوم السابع من الخطوبة، وهي تبكي ليل نهار وتذرف أنهارًا من الدموع. وعندما أسألها عن السبب تبكي أكثر. اليوم سالت دموعها أنهارًا. توسلت إليها كثيرًا اليوم وبالكاد تمكنا من إقناعها بالذهاب إلى الحمام".
كانت المرأة في ذهول مما تسمع. فكرت قليلًا ثم سألت: "ربما يكون العريس قبيحًا؟"، ردت أفتاب: "لم أره بنفسي، لكن وفقًا لأولئك الذين قابلوه، فهو وسيم جدًا. سمعت أيضًا أنه شاب ذكي. ووالد كوموش يحترمه كثيرًا، هو نفسه اختاره زوجًا لها".
"هل تعرف كوموش عنه شيئًا؟"
ردت أفتاب آيم: "نعم، لقد كلمناها عنه، وامتدحناه عمدًا أمامها، لكنها لا ترغب حتى في الاستماع إلينا ولا تتوقف عن البكاء."
ازدادت دهشة المرأة أمام عجزها عن معرفة سبب رفض الفتاة، وأدركت حساسية الموقف، فانبرت تهدئ من روع أفتاب وتحكي لها عن مواقف مشابهة. وأخبرتها قصصًا من أعراس سابقة كانت العرائس يبكين قبل زفافهن، ثم بعد الزفاف يتحولن إلى شريكات حميمات لأزواجهن.
قالت: "لا تقلقي يا أفتاب، إذا كان العريس وسيمًا هكذا كما تقولين، فسترين قريبًا ابنتك وهي تتشبث به وتصبح له مثل ظله العطر."
ردت أفتاب بلهجة يائسة "آه، يا أختاه، لا أكاد أصدق."
قالت المرأة في تصميم: "صدقيني. ثقي في كلامي أفتاب، كم من الفتيات الباكيات اللاتي رأيتهن، بعد مغادرتهن حفل الزفاف، يصبحن مفتونات ومغرمات حتى أكثر من الرجال؛ ابنتك ينطبق عليها هذه الحال، لا تحزني يا أختاه."
"أملنا في الله كبير."
قالت المرأة ضاحكة: "سيكون الأمر كذلك، لكن مهلًا، بماذا ستكافئينني إذا تغيرت ابنتك كما قلت؟"
"طقم ملابس كامل من رأسك حتى قدميك."
"تذكري وعدك، فأنا أسجل ما تقولين. سترين كيف ستتشبث بزوجها وتصبح ظلًا عطرًا له. هيا اذهبي واستقبلي ضيوفك ببهجة وسعادة ".