أخيرًا، بعد مرور ثلاث أو أربع دقائق نطق أتابك:

– إذًا أنت تعتقد أننا لسنا سوى متآمرين ومتمردين؟ حسنًا، سواء كنت تعتقد ذلك أم لا، آمل أن يكشف تحقيقك المحايد الحقيقة. أنا لا أخاف من الإعدام ولا أنوي تملقك على الإطلاق، لكن يجب أن أقول إنني أُعدُّك الأكثر عقلانية وعدلًا بين غيرك من الحكام؛ لذا أريد أن أوضح معتقداتنا وآراءنا أنا ووالدي.

نحن لا نقف في صف طرف ضد الآخر، لا القبجاق ولا أهلنا من القاره تشوبان، ونرى أنه لا ينبغي تغليب طرف على الآخر؛ فكلاهما في شئون الحكم ليسا الأفضل ولا الأسوأ. وأن ربط مستقبل تُرْكِستان بواحد فقط من هذه الأطراف تمامًا كأن نجعل الذئاب تحرس الغنم. ستسألني لماذا؟ أجل هكذا بالضبط؛ لأن الطامحين إلى السلطة من كلا الجانبين تحكمهم فقط مصالحهم الشخصية وأطماعهم. بعضهم يسعى إلى مضاعفة ثروته على حساب قمع الناس، وآخرون يحلمون برغد العيش وحياة الرفاهية، وامتلاك النساء الجميلات. ولن تجد بينهم واحدًا لديه هدف أسمى، وهو توفير الأمان والرفاهية للشعب.

لذلك أنا وأبي من أنصار هذا الهدف النبيل، يا سيدي، ولسنا ندافع عن القاره تشوبان. وحتى الآن وللأسف الشديد يبقى هذا الهدف النبيل لدينا حلمًا فحسب. لقد أصبح أبي مستشارًا لعزيز بك ليس لأنه عدو للقبجاق ونصير للقاره تشوبان، لكن لأنه يأمل في أن يحقق اقتناعاته على أرض الواقع. وللأسف، لم تتحقق آمال أبي في عزيز بك؛ فقد أدار ظهره للخان من أجل تحقيق مخططاته السوداء، وهو ما يتسبب في سفك دماء الكثير من الأبرياء. يمكنك أن تصدق أو لا تصدق، أنت حر بلا شك في ذلك، لكني، يا سيدي، مستاء من هذا الافتراء الواضح ضدي، وأتألم كثيرًا لسماع ذلك.

بعد أن استمع إلى أتابك، استغرق الوالي في التفكير جديًا، لكن الشكوك ظلت تساوره تجاهه: ففي النهاية يظل أتابك ابن يوسف بك حاجي أقرب المستشارين إلى عزيز بك، ثم إنه ربما يكون قد أعد هذا الكلام مسبقًا في حال ألقي القبض عليه؟

الشيء الوحيد الذي قرره هو إجراء تحقيق شامل في القضية، وعدم التسرع في النتائج:

– على أية حال، تبدو أفعالك مثيرة للشك بالنسبة لنا وحتى نعرف الحقيقة، ستوضعان في السجن.

لم يرد أتابك بشيء، في حين نظر قوتيدار إلى صهره نظرة حائرة كأنما يسأله: "ألا يوجد مخرج؟" وبإشارة من الوالي جاء الحراس وقادوا المتهمين إلى الزنزانة. وعندما أذن الوالي لرئيس الشرطة بالانصراف، أصدر أمره له قائلًا: غدًا، اعتقلوا المشاركين في تلك الاجتماعات، واحضروهم جميعًا إلى هنا.


14. إلى طشقند طلبًا للنجاة


فجأة تحول اليوم الثامن في شهر العسل بالنسبة إلى كوموش– التي امتلكت "السعادة غير المتوقعة"– إلى كارثة نزلت على رأسها المسكين، ولم تكن تتوقعها على الإطلاق. وكذلك بالنسبة إلى حسن علي الذي كان في نشوة سعادته: "ها أنا أخيرًا قد زوجت البك، وأسعدت قلبه بأن جمعته بمحبوبته"، ولم يكد يستوعب تفاصيل هذه الزيجة كافة، بل ولم يكد يفرح بما صنعته يداه من أجل إسعاد سيده؛ فلم تكن هذه المصيبة حدثًا بسيطًا ولا أمرًا هينًا.

أما أفتاب آيم التي كانت في قمة سعادتها وهي ترى الزوجين الشابين مثل زوجين من الحمام لا يطيقان الافتراق ولو لدقيقة، أن تزوجت ابنتها الوحيدة الحبيبة شابًا مثاليًا ورائعًا، فقد كان أمر اعتقال زوج ابنتها وزوجها غير المبرر صدمة عنيفة بالنسبة إليها. كانوا جميعًا غارقين في الهموم من هول الصدمة، لا يستطيعون تصديق ما حدث.

يئست كوموش، على ما يبدو، من أن الحياة ستمنحها السعادة، وبدت فاقدة لكل أمل في انتهاء هذا الكابوس. أما حسن علي الذي لم يكد يتنفس الصعداء بعد زواج سيده، فقد وجد نفسه أمام مشكلة عويصة لا حل لها. واستسلمت أفتاب آيم للكآبة والهموم.

الشيء الوحيد الذي كان في استطاعة كوموش وأفتاب-آيم أن تبذلاه في مواجهة مصيبتيهما هو البكاء والنحيب لأيام متتالية. حطت هذه المأساة بثقلها كالجبل على صدر حسن علي. وكانت كوموش في حيرة تامة من أمرها؛ لا تدري ماذا تفعل وممن تطلب المساعدة لإنقاذ زوجها وأبيها، فنظرت إلى حسن علي بعيون تملؤها الدموع، وكأنها تسأله: "ماذا نفعل؟". لم يكن هناك رجال آخرون في عائلة قوتيدار يمكن الاستعانة بهم. الرجل الوحيد الذي يمكن أن يكون عونًا لهم كان أحمد بك، خال كوموش، لكنه في الأغلب كان في قوقند، وبالتالي كان الاعتماد عليه دون جدوى. وهكذا، لم يبق إلا حسن علي الشخص المخلص الوحيد الذي تثق فيه كوموش وأمها.