– حسن علي – عبد أتابك.

– هل هناك شخص آخر؟

تردد حامد للحظات، ثم أجاب:

– كان هناك أيضًا أكرم حاجي من أنديجان. لا أعرف هل هو في مرغلان الآن أو لا.

سجل رئيس الشرطة هذا أيضًا قائلًا:

– إنها قضية ليست سهلة على ما يبدو. من أيضًا؟

– هذا كل شيء سيدي. أهم ما في الأمر هو القبض على أتابك وميرزا كريم؛ لقطع رأس الأفعى. حينها لن يكون الآخرون قادرين على فعل أي شيء.

ترك رئيس الشرطة القلم ووضع الورقة في جيبه وقال:

– حسنًا، المسألة واضحة. صباح الغد ستعرف ماذا تم في هذا الأمر.

فقام حامد من مكانه، وانحنى باحترام أمام رئيس الشرطة، ثم غادر المكان.


13. اعتقال


كانت قلعة القصر قد بنيت في منطقة يارمزار بالقرب من أسوار المدينة. أمام البوابة على مساحة عدة أفدنة يمتد بستان كبير من أشجار التفاح والمشمش والكمثرى والتوت. على جانبي البوابة كانت هناك أسوار من الطوب اللبن بارتفاع ثماني أذرع مزينة بزخارف ملونة.

عند البوابة نرى اثنين من الحراس يرتديان قبعتين من الفرو (أوشانكا)، وأردية طويلة مصنوعة من الكتان الخشن، مسلحين بسيفين معلقين بأحزمة تلتف حول الخصر، وقد وقفا متكئين على بندقيتيهما. كانت ساعة الغروب تقترب، فقام الحارس النوبتجي بإغلاق البوابة الثقيلة، التي كانت قد تركت مواربة قبل قليل، وأحكم غلقها بصعوبة بسلسلة كبيرة.

الآن، عزيزي القارئ، ليس لدينا فرصة لدخول القلعة؛ لذا دعنا نتجول حولها قليلًا: بعد مائتي خطوة تقريبًا إلى اليسار من البوابة نصل إلى إحدى زواياها، حيث يرتفع في السماء برج حراسة خاص، لكنه خال الآن من نوبات الحراسة. بعد ذلك إلى الجنوب تمتد أرض فضاء، بعد أربعمئة خطوة أخرى في هذا الطريق نجد أنفسنا قد وصلنا إلى الزاوية الثانية – الجنوبية الشرقية – التي تخلو أيضًا من جنود الحراسة؛ من هنا يمكنك رؤية الزاوية الجنوبية الغربية. بعد أن قطعنا ما مجموعه ألف وستمئة خطوة نكون قد درنا حول الحصن بأكمله ومن ثم نعود مجددًا إلى البوابة عند الجهة الغربية.

أصبح الظلام شديدًا، حتى إنه لم يعد من الممكن تمييز وجه الشخص الذي يقف بجانبنا. كان الحراس عند البوابة يقفون منتبهين مشدودين بلا حراك كالتماثيل. كان صوت حوافر الخيول قادمًا من ناحية المدينة، وكان يقترب أكثر فأكثر. فقال أحد الحراس مخاطبًا زميله: كأنه صوت حوافر الخيل، فأخذ الحارس الآخر يحدق في ظلمة الطريق، ثم قال: كأني أرى فرسان ثلاثة قادمين."

– من عساه يأتي إلينا في مثل هذا الوقت الغريب؟

– لا أحد غير رئيس الشرطة قد يأتي في مثل هذه الساعة، ربما يكون هو.

وبالفعل كان هو؛ رئيس الشرطة برفقة اثنين من الفرسان. بعد أن سلم لجام حصانه إلى أحد الحارسين، أمر الحراس قائلًا:

– افتحوا البوابة.

ردد الحراس الأمر وفتحت البوابة من الداخل، فاجتاز رئيس الشرطة البوابة.

كنا قد قدرنا بالفعل طول أسوار القلعة، ولك أن تتخيل مدى اتساع مساحتها من الداخل، لكن كان هناك جدار يمتد في داخل القلعة من الشمال إلى الجنوب، قاسمًا إياها قسمين؛ في القسم الأكبر منهما كانت تعيش أسرة حاكم المدينة. كان الفناء الخارجي من الجوانب الثلاثة (الجنوبي والشرقي والغربي) خاليًا من أية مبانٍ، ولم يكن هناك سوى سلالم تؤدي إلى أسوار القلعة. لكن بجوار السور الشمالي الذي توجد به البوابة كان يوجد منزل يقع في جانبه الأيسر مكتب الحاكم، بعده يظهر مبنى يحتوي على خمس عشرة نافذة، وطوله أربعون ذراعًا، وعرضه عشرون ذراعًا، وقد تجمع فيه قرابة خمسين جنديًا مسلحين حول نار أشعلوها للتدفئة، بعده على طول الجانب ذاته يوجد المطبخ، وإسطبلات الخيول وغيرها من المباني الأخرى.

توقف رئيس الشرطة قرب البوابة وسأل:

– هل البك موجود؟

– لا أعلم، سيدي – أجاب الحارس وهو يغلق البوابة بصعوبة.

في تلك اللحظة أشعل الجندي المسئول عن الإنارة في القلعة النار في شعلة كبيرة بالقرب من البوابة؛ فأضاء الفناء بأكمله. اتجه رئيس الشرطة مباشرة إلى يمين البوابة. على هذا الجانب ارتفعت المباني الجميلة المزينة ببراعة، التي جسدت مهارة أفضل الحرفيين في المدينة وحرفيتهم. ثم اجتاز الباب الأول الذي وقف عنده حارس مسلح، ودخل إلى غرفة صغيرة مزينة بالنقوش ومغطاة بالجص، ثم مر عبر الباب الثاني فوجد نفسه في قاعة فخمة كبيرة؛ جدرانها مضاءة بالشموع المتراصة في شمعدان ذهبي. كانت الأضواء، كأنها انعكاسات النجوم، تغمر الجدران المطلية بألوان الذهب، والفضة، والأزرق، والأحمر، والأبيض، والوردي، والأصفر، والأسود، وقد أعطى تألق الألوان وتنوعها القاعة مظهرًا رائعًا. بدت زهور الزنبق المنسوجة على السجادة الحمراء كأن الحياة والانتعاش يفوحان منها، كما لو كنا نقف في وسط مرج مزهر.