– ماذا تريد؟

– سيدي، لقد جئت أشكو إليك.

تركهم الحارس وغادر، وظل الزائر واقفًا لدى الباب قابضًا ذراعيه على صدره.

– ما الشكوى؟

– سيدي، هلا سمحت لي بالجلوس؟

– حسنًا، اجلس.

خطى الزائر بضع خطوات وجلة فوق البساط الباهت البالي، وجلس في تأدب واحترام في مواجهة رئيس الشرطة، الذي قام بطي الورقة التي كانت في يده، ودسها في ردائه، ونظر في عبوس إلى ذاك الوافد عليه:

– من أين أنت؟

– سيدي، أنا من هنا، من مرغلان.

– ما اسمك؟

– سيدي، اسمي حامد.

– ما صنعتك؟

– صاحب ورشة للأقمشة.

– حسنًا. قل ما شكواك؟

بدأ حامد بلاغه بشكل رسمي، مضفيًا إلى نبرة صوته بعض القلق المصطنع: "إن قاره تشوبان لا يريدون العيش بسلام حتى في ظل الحكم العادل لمسلمان قل- بهادور، والد زوجة الخان شاهنشاه. إنهم يحرضون الناس ضد إخوانهم الكبار– القبجاق، ويريدون السيطرة على مقاليد الأمور وحدهم، والزج بالبلاد في الخراب والفوضى. كنا نظن أنه لا وجود لمثيري الفتن إلا في طشقند – عزيز بك مع مستشاره حاجي يوسف بك، لكن اتضح أن بذور الفتنة قد زرعت هنا في مرغلان أيضًا.

لمعت عيون رئيس الشرطة وقال: ماذا تقول؟ من الذي يزرع بذور الفتنة في مرغلان؟

– أحدهما هو ابن يوسف بك، مثير الشغب المعروف في طشقند، وهو يدعى أتابك وموجود الآن هنا في مرغلان، والآخر شريكه ووالد زوجته ميرزا كريم قوتيدار.

– حقًا؟

– هو كذلك بالضبط، سيدي.

– وكيف عرفت ذلك؟

– كنت حاضرًا اجتماعهم منذ أيام.

– هكذا إذًا، وماذا كان هناك؟

– كانت هناك أحاديث مختلفة، سيدي– تابع حامد – وكانت الشخصية المحورية في هذا الاجتماع هو أتابك، وهو الذي بدأ الحديث عن ظلم القبجاق ووحشيتهم، وعن أعمال العنف التي يدعي أنهم يقومون بها. وذكر أنه في طشقند قرر عزيز بك ووالده إقصاء القبجاق عن حكم البلاد، واقترح أن يثور الناس عليهم في مرغلان أيضًا. لقد أيده الجميع، خاصة ميرزا كريم قوتيدار. من الضروري التحذير من هذا الأمر الفظيع في أسرع وقت ممكن، وإلا ستكون هناك عواقب وخيمة على السلطات وعلى البلاد بأسرها، يا صاحب السعادة.

– وفي منزل من جرى هذا الاجتماع؟

لم يكن حامد يتوقع مثل هذا السؤال، مما جعله يرتبك كثيرًا؛ لأنه إذا قال في منزل من كان هذا الاجتماع فسوف يُعتقل كل من صهره وابن اخته رحمت. وكان هذا بالنسبة له كمن قام بضرب قدميه بالفأس ذاتها التي ضرب بها عدوه، ولا سبيل إلى عدم الرد. فجاء رده مرتبكًا:

– لا أستطيع تذكر مكان الاجتماع.

فصاح رئيس الشرطة في غضب:

– ماذا، كيف لا تذكر؟

كان حامد يائسًا ومرتبكًا تمامًا، وأخذ يغمغم في ضعف وانكسار:

– ربما أتذكر، لكني لا أستطيع البوح به، المكان له وضع حساس للغاية.

– ماذا يعني له وضع حساس؟ – صاح رئيس الشرطة بغضب وانفجر ضاحكًا. – إذا لم تخبرني بمكان الاجتماع فسوف ألقي بك في الحفرة مع الخونة الأوغاد الآخرين.

– أرجوك، الرحمة سيدي.

لكن رئيس الشرطة أخذ يزمجر بشراسة: لا رحمة.

لم يكن لدى حامد سوى فرصة أخيرة للنجاة؛ أخذ يفتش في جيبه، وبصعوبة بالغة أخرج محفظته وأخذ منها دون عَدٍّ عشر قطع تقريبًا من العملات الذهبية.

ثم قال وهو يمد يده بالنقود إلى رئيس الشرطة: – سيدي، هذه هدية صغيرة لكم، أرجو أن تقبلها.

عندما كان حامد يفتش في جيبه، تبدلت تعابير وجه رئيس الشرطة؛ فها هو الآن يتحدث بنبرة مختلفة، لطيفة مهذبة بعض الشيء وهو يدس النقود في جيبه في هدوء:

– إذًا هو مكان له وضع حساس، كما تقول، يا عزيزي حامد؟

– أجل، سيدي.

– وهؤلاء الأوغاد خططوا للقيام بالتمرد؟

– سيدي، لا بد من منع أفعالهم، وإلا ستكون العواقب وخيمة بلا شك.

– هؤلاء المتمردون سيعاقبون، بالطبع، سأبلغ الحاكم على الفور. يجب أن نقبض على الأوغاد فورًا قبل أن تطلع عليهم الشمس.

تهللت أسارير حامد، وشعر بالبهجة من فكرة الانتقام الوشيك. كيف انخدع رئيس الشرطة بهذه السهولة. في هذه الأثناء أخذ الأخير محبرة من الرف وغمس فيها قلمًا وسأل:

"هيا يا حامد بك، أخبرني أسماء هؤلاء المتآمرين.

– أحدهم يدعى أتابك بن يوسف بك حاجي من طشقند.

قال رئيس الشرطة وهو يدون الأسماء: "حسنًا، حسنًا. تقول ابن يوسف بك حاجي، يا له من وغد! إنهم يريدون إغراق مرغلان أيضًا في بحور من الدماء. ومن الثاني؟

– ميرزا كريم من مدينة مرغلان، وقد زوج ابنته منذ أيام قليلة من أتابك.

– الوغد حتى في الظلام يمكن أن يشم رائحة وغد مثله. من أيضًا؟