ابتسم قوتيدار لأفتاب آيم التي كانت تنتظر أن يتحدث بفارغ الصبر، ثم قال: زوجتي، أنت بالطبع لا تعلمين أن ضيوفنا بالخارج هم خطاب لابنتنا".

لم تبدِ أفتاب آيم دهشة عند سماعها كلمة "خطاب" التي قالها زوجها؛ فعلى مدار العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، كان منزلهم مزدحمًا يوميًا بالخطاب الذين يرغبون في الزواج بابنتهما كوموش وها هم أولاء خطاب جدد.

"فليجعل الله الخير في قدومهم. من هؤلاء؟"

ابتسم قوتيدار مرة أخرى، ثم قال:

"إنهما ضياء شاهيجي ومعه رجل آخر لا تعرفينه."

فهمت أفتاب آيم من صوت زوجها والخجل الظاهر في عينيه أنه متأثر للغاية بقدوم الضيوف الخطاب.

"ومن أرسل هؤلاء الخطاب؟"

"هل تتذكرين التاجر الشاب الذي قدم من طشقند وحل ضيفًا علينا منذ حوالي خمسة عشر يومًا؟"

"وكيف لي أن أنسى، بالطبع أذكره وقد أفاضت تويبكة في مديحه".

صاح قوتيدار قائلًا: "يا لك من ذكية يا زوجتي! هو من بعث بهؤلاء الخطاب."

انزعجت الزوجة بشده بمجرد سماعها هذه الكلمات وقالت معارضة زوجها: "لكنه أجنبي"، وهنا ارتسم على وجه قوتيدار ملامح التفكير والحيرة، وأخذ يحك جبهته، وقال بصوت رجل يائس: "هذا هو الشيء نفسه الذي يثير قلقي، ولكنه عمومًا الرجل المناسب لابنتنا، ويمتلك الخصال الحميدة كلها التي نأملها في صهرنا؛ فهو شاب جيد من النواحي كافة".

ولكونها زوجه مخلصة، فقد احترمت رغبة زوجها، وأعربت في النهاية عن احترامها لإرادته وحبها له. لذلك، وبصفتها زوجة مطيعة- وعلى الرغم من أنها في الواقع لم تتفق مع زوجها بشأن الخطبة- فقد اختارت ألا تكتفي بمهاجمة أتابك، لكونه فقط مسافرًا أجنبيًا، بل سعت إلى ابتكار أوجه قصور أكثر غموضًا في أتابك؛ حتى تطفئ نار إعجاب زوجها بشخصه وتعاطفه معه.

"ابن من هذا الشاب؟ هل تعرف والده؟"

لم يؤتِ هذا السؤال ثماره، بل على العكس أضر بخططها في تقويض عدوها؛ حيث أشاد قوتيدار بشخصية حاجي يوسف بك، ومكانته الاجتماعية الحالية، وأفاض في ذلك، كما أشاد باحترام حاجي يوسف بك لقوتيدار نفسه، كل ذلك بتفصيل كبير. وأضاف في النهاية: "من المستحيل انتقاد الأصل الطيب والعريق لهذا الشاب. وحتى أكون صادقًا، فإن الجيل الذي ينتمي إليه هذا الشاب هو أكثر تقدمًا من جيلنا".

قررت أفتاب آيم أن تناور بسؤال في مسار مختلف: "هل هو متزوج أو لا؟"

"إنه ليس متزوجًا؛ لقد علمت هذا من خادمه في إحدى جلساتنا".

"كم عمره؟"

"لا يزيد على خمسة وعشرين، ربما اثنين وعشرين أو ثلاثة وعشرين".

"لماذا قرر فجأة مصاهرتنا؟ ألا يمكنه العثور على فتاة من طشقند؟"

قال وهو يخفض صوته بخجل لتهدئة شكوكها: "حتى إذا كان هناك الكثير من الفتيات، فإنهم يقولون إنه لم يجد من تناسبه بينهن".

لم تجد أفتاب آيم أي سبيل لمواجهة رغبة زوجها في قبول العرض. وبالمقاييس كلها، كانت الشروط كافة متحققة في الشاب، وهو مثالي، ويحقق تطلعاتهم لابنتهم بشكل كامل، ولكن في أعماق قلبها، كانت تراه رجلًا أجنبيًا غريبًا قبل كل شيء. كان من الصعب عليها قبول فكرة أنهم وبعد سنوات عديدة من البحث عن صهر مناسب، قد يسلمون ابنتهم فجأة إلى شخص غريب من طشقند، مما جعلها تشعر باليأس والإهانة والحزن.

–"إذًا، ماذا تقولين يا زوجتي؟"

خافت الزوجة من الاعتراض علانية لأن زوجها قد ينزعج من ذلك، لكن في قلبها، كانت ترفض بشدة وإصرار زواج ابنتها من أجنبي. أجابته بعد فترة من التفكير: "لا أستطيع أن أعارض شخصًا وجدته أنت مناسبًا، وأقف أمام رغبتك. أنت أبوها، قبل كل شيء، ولديك الحق أكثر مني في اختيار صهرنا. بالطبع، لا أصدق ولا أعتقد أنك ستعطي ابنتك الوحيدة، قرة عينك، لرجل فاسد أو غير مناسب. ليس لي أي مبرر في معارضتك، لكن مشكلتي الرئيسة هي أن الخاطب من طشقند؛ سيأخذ ابنتك معه إلى مدينته الأصلية ويفصل بيننا وبين طفلنا الوحيد، لا أعرف ما وقع ذلك عليك، لكن لا يمكنني تحمل ذلك البعد. أعتقد أنك لم تفكر مليًا في هذا الجانب من المشكلة يا عزيزي".

قال قوتيدار وهو يفكر بإمعان فيما تقول: "أنت محقة يا زوجتي. لكن يبدو أنه القدر، أو ربما شيء آخر. لسبب ما، أنا معجب بهذا الشاب. لا أعرف كيف ستفهمين ما أقول، لكن دعينا لا نؤجل قرارنا، ولنرد على الضيوف على النحو الآتي: موافقتنا على الزواج مشروطة بعدم مغادرة كوموش مرغلان، يجب أن تبقى معنا. إذا قبلوا بهذا الشرط، فلن يكون لدينا ابنة واحدة، بل ابنة وابن. وإن لم يوافقوا، فسيكون عليهم أن يلوموا أنفسهم فقط. ما رأيك في هذا يا زوجتي؟ "