"الحمد لله، الآن أفضل."

"ابنتي، كفاك. لا تقومي بأي شيء، استريحي."

***

كانت أيام الشتاء قصيرة لدرجة أنه بالكاد يمكن للمرء أن ينجز أي شيء قبل غروب الشمس. وبدا ذاك اليوم أقصر من أي يوم آخر فها قد مضت نصف ساعة تقريبًا منذ وصل الضيوف. استقبلهم قوتيدار ورحب بهم ترحيبًا حارًا كعادته. كانت السفرة بها ما لذ وطاب من الأصناف الشهية جميعها. تنقلت تويبكة بين جناحي الرجال والنساء في المنزل وهي تقدم أطباق الطعام والمرطبات، وتبدل مفرش المائدة، وتقدم الشاي. وبعد أن وجدت فرصة للراحة، جلست بالقرب من أفتاب آيم لتأكل مما تبقى من طعام الضيوف.

سألت أفتاب آيم تويبكة: أجيبيني بصراحة من هؤلاء الضيوف؟ هل تعرفين أحدًا منهم؟

قالت تويبكة وهي تمضغ طعامها بسرعة وتملأ به جنبات فمها: "ياه! بينهم شاب صغير وسيم جدًا؛ إذا لم تحظي برؤيته، فاعتبري نفسك لما تخلقي بعد، أو تنعمي بالعيش على ظهر الأرض. يا له من شاب وسيم وحكيم وذكي للغاية، حتى إنهم جعلوه في أفضل مكانة وأعلاها بين الجلوس. يبدو أنه لما يبلغ العشرين بعد، وقد بدأ شاربه لتوه ينمو"، ثم أضافت ضاحكة وهي تنظر إلى كوموش: "إنه صهر جدير بنا".

عند سماعها هذا الوصف، ضحكت أفتاب آيم أيضًا ونظرت إلى ابنتها وسألتها: "هل ترين يا كوموش؟ هل سمعت ما يقولون؟ لقد عثرت تويبكة لك على زوج، وأنت لا تعرفين شيئًا سوى الأنين والشكوى من الصداع وألم الرأس". ابتسمت كوموش ابتسامة خفيفة رقيقة، فسمحت للحضور بالنظر والاستمتاع بجمال أسنانها ذات اللون الأبيض اللؤلؤي بين شفتيها الياقوتتين، لكن سرعان ما صارت ملامح وجهها جامدة باردة. "الآن أصبح من بين واجباتكم البحث عن زوج لي؟"

تجاهلت تويبكة سخرية كوموش وتذمرها وقالت لها: "أختاه، ما زلت تجهلين الكثير. يجب أن تلقي نظرة على ذلك الشاب، وعندها ستقعين في حبه، وتتمنين أن تبقي معه ما حييتي؛ حتى أنا في مثل عمري هذا كنت لأتمنى أن أتزوج شابًا مثله" وانفجرت ضاحكة.

سرعان ما أدارت كوموش وجهها عن تويبكة وهي تقول لها: إذًا فلتتزوجيه سريعًا. ردت وهي تضحك بصوت عال: ليتني أحظى بهذه السعادة، ولكني لا أستحق شعرة واحدة منه، أما أنت فتستحقين؛ فأنت ند له ومساوية له في المقام والجمال والمكانة. ليس من قبيل الصدفة مقولة "كل إناء على قدر غطائه" ها ها ها ها"

في وقت آخر ومناسبة أخرى، كانت كوموش لتستمتع بهذا النوع من النكات من تويبكة، لكنها الآن لا تستطيع استساغتها؛ لذا وبفعل الغضب غادرت مسرعة إلى المنزل لتنام. اعتقدت أفتاب آيم أن الأمر يتعلق بمجرد رغبة أحد الباشوات الشباب بقضاء بعض الوقت واللهو لا أكثر من ذلك، لذا فقد ظلت صامتة، ثم طلبت من تويبكة قائلة: "عمتي، ربما من الأفضل أن تلقي نظرة على المضيفة لتري ما إذا كانوا بحاجة إلى المزيد من الشاي؟

ابتلعت تويبكة ما تبقى من طعام، ثم خرجت وعادت سريعًا إلى الشرفة وهي ترتجف في حذائها كما لو أنها رأت شبحًا.

– "اللعنة، لقد كدت أموت من الخوف."

كانت عائشة جالسة على سجادة الصلاة ممسكة بالمسبحة، ولم تهتم بدخول تويبكة وواصلت صلاتها. أما أفتاب آيم التي كانت جالسة في الشرفة فابتسمت، وسألت بفضول "ماذا حدث؟ ما الذي جعلك تبدين هكذا خائفة؟"

جلست تويبكة تحت العمود، وهي تأخذ أنفاسًا عميقة حتى تهدأ ثم قالت: "أخذت مفرشًا من سيدي للخارج إلى الفناء حتى أنفض عنه الغبار وفجأة، رأيت شخصًا مختبئًا تحت شجرة الكرز وكأنه ظهر من تحت الأرض. صرخت من هول الصدمة؛ بدا لي أنه كان يتجسس على الضيوف."

"من عساه يكون؟"

"لم أستطع التعرف إليه في الظلام، لكن بدا لي أنه حامد الأسود. ربما كان هو أو شخصًا آخر. الله أعلم، ما إن رآني حتى ركض باتجاه الأشجار واختفى."

***

ودع قوتيدار الضيوف، وخلع ملابسه، واستعد للنوم، سألته أفتاب آيم "تويبكة تملأ الدنيا صراخًا في مدح جمال ذاك الشاب، لا نستطيع إيقافها، من عساه يكون هذا الشاب؟"

قال قوتيدار: "إنه ضيفنا، ابن صديقي المقرب الطشقندي، يوسف بك حاجي".

"وهل هو بالفعل يستحق هذا الثناء من تويبكة؟ هل هو كما وصفته وأفاضت في مديحه؟"

رد قوتيدار منتشيًا بعض الشيء: "نعم هو هكذا. لو منح الله كل أسره ابنًا، ليته يكون مثله". ضحكت أفتاب آيم حتى فقدت السيطرة على نفسها وهي تحكي ما قالته تويبكة لكوموش، ورد فعل الأخيرة، حتى إن قوتيدار لم يستطع مقاومة الضحك.