– متى ستنزل ضيفًا عندنا يا أخي؟ – أخرج سؤال رحمت أتابك من حالة تفكيره: إن شاء الله.

فأصر رحمت: لا، يا أخي العزيز، عليك أن تقرر يومًا، هذا ما جئنا إلى هنا من أجله.

– لكن لماذا أزعجكم؟

– لا يوجد ما يزعجنا في هذا الأمر. إذا سمحت لنا، فسوف ننقلك من هذا الخان إلى منزلنا. وإلى أن يحدث ذلك اختر يومًا محددًا تنزل فيه ضيفًا عزيزًا علينا؛ يريد أبي حقًا التحدث إليك، وأن يسمع منك كيف تسير الأمور في طشقند.

أجاب أتابك: لا أرغب في الانتقال من هذا النزل، لكنني مستعد لزيارة والدك في أي وقت.

– شكرًا لك أخي العزيز، هلا حددت لنا يوم زيارتك من فضلك؟

– كما تعلم، ليس لدي ما يشغلني في المساء، ولكن إذا كان يناسبكم وقت آخر فلن يكون لدي خيار سوى الموافقة عليه.

قال رحمت: عافاك الله- دعني أسألك شيئًا آخر: هل من الممكن أن ندعو أشخاصًا غرباء لا تعرفهم إلى المجلس، ألا تمانع؟ أريد أن أؤكد أن هؤلاء أشخاص مقربون من دائرتنا، ومن بينهم، على سبيل المثال، ميرزا كريم قوتيدار>(>7>).

شعر أتابك بالحرج مرة أخرى، لكنه حاول عدم إظهار ذلك، فأجاب: الأمر سيان بالنسبة لي.

وبعد تناول الأرز البخاري ودعه الضيوف ثم غادروا.


2. شاب جدير بابنة الخان


بينما كان أتابك يُحَيّي الضيوف الغرباء في منزل ضياء شاهيجي أخذ يتفحصهم بعناية. وعندما لاحظ ذلك صاحب المنزل بادر إلى تقديمهم إليه: أظنك لا تعرف هؤلاء السادة؛ هذا أحد أصدقاء والدك المقربين، ميرزا كريم قوتيدار، وهذا أكرم حاجي أحد تجار أنديجان>(>8>).

كان ميرزا كريم يبدو في الخامسة والأربعين أو الخمسين من العمر، رجل وسيم ذو حاجبين سوداوين وعينين داكنتين، ومظهر جميل وأنيق، في حين بدا أكرم حاجي أكبر منه بعشر سنوات. تفحص أتابك ميرزا كريم مرة أخرى بعناية وقال:

– كم أنا سعيد أن تعرفت على أصدقاء والدي المقربين، شكرًا جزيلًا لك. ثم نظر إلى أكرم حاجي وميرزا كريم وواصل الكلام بأدب جم: لقد عهد إليّ أبي أن أبلغ تحياته الحارة إلى أصدقائه الأعزاء مثلكما.

– شكرًا لك، حفظك الله.

كان من بين الحضور الذين اجتمعوا في منزل ضياء شاهيجي على شرف أتابك حامد ورحمت وحسن علي بالإضافة إلى الضيفين اللذين قُدِّما للتو. بعد تقديم الضيوف بدأت عيون أتابك وقوتيدار تتلاقى بشكل متكرر. وما إن همَّ قوتيدار بفتح فمه ليسأل أتابك شيئًا ما، حتى بدأ أكرم حاجي وضياء شاهيجي حوارًا مطولًا لا ينقطع. ولكن عندما تلاقت عينا أتابك وميرزا كريم مرة أخرى سأله قوتيدار بابتسامة:

– أيها البِك، هل تتذكرني؟

فأجاب أتابك، وهو ينظر باهتمام واحترام إلى قوتيدار:

– لا يا عمي.

– كم عمرك؟

– أنا في عامي الرابع والعشرين.

قال قوتيدار وقد بدا كما لو أنه يحسب حسبة في ذهنه:

– بالطبع لا يمكنك تذكري. فعندما كنت أباشر أعمالي التجارية في طشقند، كان عمرك خمس أو ست سنوات تقريبًا. يبدو وكأن ذلك حدث منذ وقت قريب، وكأنني كنت أمس ضيفًا في منزلكم. في الواقع، مرت خمسة عشر أو عشرون عامًا منذ ذلك الحين. وها أنت الآن شاب يافع، حقًا إن الحياة تمر بسرعة كالسهم المارق.

– هل زرت منزلنا حقًا؟

– بل نزلت ضيفًا عندكم أكثر من مرة. أجاب قوتيدار، حينها كان جدك لا يزال على قيد الحياة.

في تلك اللحظة تدخل حسن علي الذي كان يجلس على مسافة منهما، ويستمع إلى حديثهما، فقال:

– حينما كان عمك يتردد على منزلنا، كنت لا تزال طفلًا صغيرًا، وقد اعتاد أيضًا أن يأخذك معه إلى الخان.

ابتسم أتابك في حرج ونظر إلى قوتيدار: آسف حقًا، لكن لا يمكنني تذكر ذلك.

كان قوتيدار على وشك أن يقول شيئًا آخر، لكن لم يمهله أكرم حاجي وسأل: وماذا يعمل والدك المبجل الآن؟

– إنه مستشار والي طشقند.

– وهل لا يزال عزيز بك واليًا على طشقند إلى اليوم؟

– أجل، بالضبط.

– أي بك؟ بل قل عزيز الراقص، صاح حامد فجأة وهو ينظر إلى أكرم حاجي ويبتسم ابتسامة ساخرة. منذ وقت قريب كان هذا "العزيز" يرقص أمام الضيوف لتسليتهم في احتفالات مسلمان قل الأعرج.

قال ذلك ثم جال بعينيه في فخر بين الحضور كأنما قال شيئًا غاية في الأهمية لا يعرفه الآخرون. وعلى ما يبدو أن كلمات حامد غير الموزونة قد بدت للحاضرين خالية من اللباقة، فأخذوا ينظرون إلى بعضهم في حالة من الذهول، أعقبها صمت تام لم يكسره سوى سؤال أكرم حاجي:

– هل صحيح ما يقال عن أن الوالي مفرط في الشدة؟

أجاب أتابك: لقد أصبت كبد الحقيقة؛ فلقد سئم الناس من قسوة عزيز بك.